عزيزي القارئ..
هذا الموقع مخصص لأهل العلم والمعرفة والباحثين عن معارج الحقيقة.
جهد الفلاسفة والمفكّرين منذ القديم ومن خلال محاولات كثيرة لمعرفة أسرار هذا الكون ونواميسه. ومن حكمة التاريخ أن الإنسان لم يلامس هذه المفاهيم الاّ بالقسط القليل. أكان هذا لمقدراته المحدودة أم لحكمة كونية لم تتراءى له الاّ من خلال حجب، أو لأسباب ثانوية سياسية ودينية معروفة تربّعت على روؤس وعقول الناس لفترات طويلة.
في مدار ومسلك البشرية هذا، تفرّدت فرق، بان وجودها في المجتمعات كافة، الممتدّة من مشارق الأرض الى مغاربها. فرق حاولت التموضع بين ما هو متمكّن وما هو معروف ومتعارف عليه.
فرق رفضت الإنصياع الى هيمنات فكرية محدودة زمنياً وجغرافياً، نُظِر اليها على أنها مارقة فاسقة فاسدة خرجت عن المعهود والموروث ومن بين هؤلاء الحكيم سقراط الذي إتُّهِم بإفساد الناشئة والتآمر على الألهة وإنتقاد الموروث. لم يكن بيتاغورس من قبله بأفضل حال منه كما غيرهم الكُثُر…
لم يخرج أصحاب الفكر الحرّ والماسون منهم عن هذه الإتهامات في فكر العامة، فقيل عنها ما لم يقال بالأبالسة والمجرمين والمنحرفين والمفسدين الخ…
لأول مرة في تاريخ الأمة العربية سيكون هذا المنبر مبيّناً لحقائق ووقائع، تخرج الى الباحثين الجدييّن الوجه الحقيقي للفكر الحرّ وللماسونية. إذا كنت ممّن يفتش عن الإثارة والأخبار المهلوسة، لا تتعب نفسك، وفّر على نفسكَ العناء وتوجّه الى مواقع الإثارة التي لا تحصى على الشبكة العنكبوتية.
نعيش في زمن سقط فيه قول المخرِّفين من أيّ جهة أتت. إعتَمد الإنسان القديم على أحلام وخرافات وأساطير كانت تُملَى عليه من كهنة وأحبار ووجهاء مجتمعه، الاّ أنً الإنسان في العصر الحديث لم يعد يقبل ولا يقتنع الاّ بما هو موثق علمياً ومعرفياً.
الكثير الكثير ممّا نقرأه عن المفكرين الأحرار والماسونية لا يرتكز الاّ على أقوال ساذجة
تعتمد على إنشائيات بالية وإتهامات مغرضة. لن تجد دراسة علمية أكاديمية بشروطها تتساءل وتطرح هذا الموضوع، بل إنشائيات مرتَكِزة على ما ومن تقدّم بإنشائيات. أتى النهار الذي به ومن خلال هذا الموقع سيعرف الباحث الحقيقي حقيقة أصحاب الفكر الحرّ.
عرفنا هذه المنهجية السلبية المعارضة للفكر الحر في القرون الوسطى، عن جمعيات وفلسفات وأفكار قدّمت أصحابها قرابين على مذبح العلم، فمنهم من حُرق ومنهم من قُطع لسانه وسُلخ جلده… ومع الوقت تبيّن زيف جميع هذه الإتهامات، حتى أن وارثي فاعليها، يتسترون عليها بمحاولة إخفاء ودثر معالم تاريخها بمحاولات تجميلية، تتشابه وتحنيط المصريين لموتاهم. الأسلوب نفسه والدينامكية ذاتها اللذان اعتُمدا في القرون الوسطى ما زالا يُستعملان في أيامنا. وللأسف كثير من السذّج الذين يعطّلون ذهنهم وعقولهم يتبنّون الأحكام والإنتقادات لورودها عن مراجع يعتبرونها بالأغلب صادقة ومنزّهة، للبوسها وجه من وجوه القوى المتخفية وراء إقطاع تارة وطائفية أخرى الخ… لربّما معرفة هذه القوى لإدارة السياسية الإقطاعية أو الطائفية الدينية تتناسب معها في موضعها. أمّا الحكم على أفكار أو جمعيات أو تيارات، يتطلّب العدل في إستخراج الأحكام، ومن أولها عرض الحقائق كما هي قبل نقضها والحكم عليها. ما يزال يسيطر على المجتمعات في أيامنا، قوى تمتدّ سلطتها الى مرابض إجتماعية وإقتصادية وشبه علمية، فتحارب كل ما يشكّل إزعاج لتسلطها فتتلاعب بما في إستطاعتها لحماية مواقعها.
يكفي مراجعة كلّ ما نُشر أو قيل عن المفكّرين الأحرار والماسونية في الأمّة العربية منذ مئة سنة، لوجد الباحث إنشائيات لا تمتّ للبحث العلمي الحقيقي وما خرج عن هذه الديناميكية لم يكن الاّ إقتباس ونقل عن مراجع محدّدة ومنحازة عادة لفئة دون أخرى. عَرَفَ العالم مراحل إنتُقِدَ فيها العلماء لعلمهم، لأن رجالات دين لم يفهموا أو ترقى لهم بعض الإستنتاجات أو الحقائق، الى أن تحرّرت العلوم كلياً وأصبحت خاضعة للعقل فقط. كذلك التاريخ فهو علم وركن من العلوم الأكاديمية، وأضافت الأبحاث الأثرية كما طرق السبر العلمية على التاريخ حجّةً أعطته قوة العلم الراسخة.
علينا الاّ ننسى إدانة الديمقراطية، كما الحريّات الشخصية، من حرية الصحافة وغيرها لأنّها كانت ولم تزل تشكّل الكلمة التي تزعج. كما مناهضة الأبحاث الفلكية، لأنّها تعارض بعض المعتقدات، كما مناهضة الأبحاث العلمية منها لأنّها قد تؤدّي الى نتائج قد تتعارض مع ما تقدّمه بعض الهيكليات العقائدية.
لم توفّر جميع هذه القوى، من إقطاعية إلى دينية منحرفة إلى سلطوية، أي أداة للتهجّم وتشويه كلّ ما قد يخرج عن سلطتها أو يقوّض مكانتها الجامحة، الأمثلة في التاريخ لا تحصى بدءاً كما أسلفنا من سقراط وما قبله الى أيّامنا هذه ومنها أصحاب الفكر الحرّ والماسون فئة منهم.
يأخذ الإخوة القيّمين على هذا الموقع على إعتماد السبل العلمية الأكاديمية الدقيقة في تبيان وإيضاح الوجه الحقيقي للمفكّرين الأحرار وللماسونية. إحتراماً منّا لأنفسنا ولقرّائنا. لن نقدّم إلّا ما يستطيع الباحث أن يتأكّد منه من معلومات تاريخية وإجتماعية.
أهمّ ما يميّز الباحث ورجل العلم الحقيقي هو إنفتاحه على جميع الطروحات من دون أي حكم مسبق. إنه لمرذول ومستقبح أن يدّعي باحث وأكاديمي العمل على موضوع منطلقاً من قواعد يعتبرها بديهية بالنسبة له ولِمَن يلتفّ حَولَ مُعتَقَدِه. ولا يقبل أي طرح من خارج منظاره، فهذا عقائدي محدود وفي أغلب الأحيان ساذج معطّل لعقله ووجدانه. يشبه هذا منظومة تابعة مشذّبة ومدوّرة ومطبّعة لتخدم منهج. فهو يستعمل معارج العلم لإثبات نظريته وليس لإستخراج الحقيقة. عرفنا هذا على مدى قرون لفرق أعاقت العلم والمعرفة والتقدّم، وللأسف نرى ونقرأ في أيامنا هذا في السياسة والإجتماع وغيره، لمن يسخّر نفسه كأداة رخيصة في سبيل كسب ظرفي مادي كان أو معنوي.
كلمة الحق هي هي وتبقى: “هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين”.
هذا الموقع مؤلف من قسمين: الأول مقدّمات تعريف بالماسونية، تحت مسمّى مقاربة لفهم الماسونية، تستطيع بعدها أن تنتقل الى مركز الدراسات والأبحاث الماسونية، حيث تدخل بشكل أقرب الى الفكر الماسوني.
نتمنى أن نكون لمن يسمع لوجدانه ويحكّم عقله ويسترشد قلبه، درب يوصل الى تبيان بعض الحقائق المنيرة لوجدانية حياته، ستجد عزيزي القارئ بين السطور والنصوص مفاتيح منثورة ومستورة بأغشية شفافة بائنة للعقل والقلب… إفتح قلبك وحكّم عقلك…
جوردانو برونو- Giordano Bruno
هذه المقدّمة لم يكتبها جوردانو برونو، إلّا أنّها تنبع في مفاهيمها من مقتنعات ورؤى العزيز جوردانو برونو.
المفكّر الحرّ … يبقى …
– حقوق النشر: الدكتور ميشال الخوري © ٢٠٢١