تعريف الماسونية
لماسونية عائلة لا تتحدد بنطاق زمني ولا مكاني، تواجدت وتتواجد خارج حدود المؤطرات المحدودة. هي إخوة تجمع ما بين المكرسين من أي مكان أوزمان كانوا، أناس يتحدون ويتعاضدون مهما اختلفت ظروفهم المادية والطبقية، أناس من جميع الافاق والخلفيات الدينية والمعتقدات والمذاهب الفلسفية، أناس يوحدون جهودهم لبناء الهيكل الكامل، هيكل الحقيقة والعدل والوئام والتآلف. هيكل الانسانية الكامل، تستعمل كلمة “هيكل” للتعبير عن بناء “الإنسان” وذلك لإستعمالها من قبل البنائين الاحرار في القرون الوسطى وليس لها اي خلفية دينية. كلمة هيكل تعبّر عما يطمح الانسان الى بنائه ويجسد معتقداته واحلامه السامية والرفيعة. بنى الماسون وقبلهم البناؤن الاحرار العمليين القدامى الهياكل والمعابد في جميع ارجاء المعمورة. اما اليوم وبعد ان اصبح البناء رمزي جهد الاخوة الماسون لبناء الانسان ومن خلاله الانسانية المتحررة الحرة من كل قيد ووهم بالٍ وسفيف.
إن اللحمة التي تجمع هؤلاء الاشخاص ورثة البنائين الاحرار القدامى هي إيمان صلب بالانتظام الكوني وقوانين التوازن وامكانات التطور البشري نحوالكمال من خلال العمل وتطوير طاقاته التحررية.
الماسونية أكثر من أسلوب بل هي طريقة تقليدية توصل الباحث الى المعرفة ومن خلالها الى الحرية.
هي منهج الحرية الحقيقية، هي حرية روحية تكتسب من خلال العمل والبحث والاستدامة عليهما.
لا ينتمي الى الماسونية إلا الضمائر المستنيرة.
الماسون ليسوا قساوسة ولامبشرين ولا قديسين وليسوا رهبنة معتزَلة ومعتزِلة. لا يطمحوا إلا أن يكونوا أناساً بكرامة وحقيقيين.
الماسون يكنّون تقديراً واحتراماَ كبيرين للشخص الانساني ويعلون الفكر الخلاق.
الماسون يحاربون الجهل والكسل والغضب والعنف بكل أشكاله المادية كانت أم المعنوية.
الماسون يمتنعون عن التبشير ويعبّرون عن قناعاتهم بالمثل والعمل الشفاف.
يحمل الاخوة الماسون الكثير من الاسئلة ولا يتوقفون عند الاجوبة. الماسونية التي تعيد بناء نفسها في كل دورة بغية التقدم والكمال. الماسونية لا تجتر افكارها بل تعتقها يوماَ بعد يوم. تحاول الماسونية أن تحث الاخرين على السعي والمضي على خطاها في مجالات البحث والدراسة. تقوم الماسونية على بث ابحاثها وتجاربها من خلال عمل أبنائها في المحافل ممتنعة عن كل سيرة تبشيرية ودعائية. لا ينبغي ان يكون كل ماسوني فيلسوفاَ اوعالماَ إنما المهم هو ان يبحث ويفتش عن الحقيقة من خلال التنوع ليتقدم ويشارك إخوته والآخرين فيما وصل اليه. يمتنع الاخوة الماسون عن التمسك بمعتقد وعقيدة زمنيين محدودين بمضمونهما جِرمٌ، قد يؤدي الى الركود الفكري والحضاري.
العبور من الفراغ والآنية الهائمة الى التناغم والتآلف والانسجام، من الخارج الى الداخل المطمئن هومن اهداف الماسوني عند تجاوز عتبة المحفل. هي رحلة منذ بدء الانسانية والبحث في تاريخها ووجودها على الارض الى اوج تطورها الكريم. لتلقى المستقبل باطمئنان وامل.
الطريق الى هذه الاستنارة يكون من خلال التكريس وفتح قلوب الإخوة للمكرس الجديد ومشاركته باعمالهم وإختباراتهم وإكتشافاتهم. من خلال دخوله حلقة الاخوة التى تزيل جميع الحواجز والفوارق وتفتح كليا الطريق الى التحرر وتحقيق الذات. هذا المنهج يحول الانسان من انانيته الى اختبار الشراكة التي تحرره من كل ثقل غليظ وموروث بالٍ.
الماسونية هي العمل على سلّم التقدم والنهوض الذي يتأبطه كل ماسوني جاد مكرّس ام منتظر على باب الهيكل. لكي يبنى كلِّ هيكله ويتحد مع الآخرين.
هذه الهندسة اللازمة لبناء هذا الهيكل هي بعض ما يتعلمه الماسون في محافلهم، لانه من دون مهندس جدير وقدير ومن دون علم هندسة لا يصلح البناء ولا يرتفع الهيكل.
هذا ما يدعو اليه العمل الماسوني، وعندما تنتفي هذه المنهجية تصبح المحافل أندية زمنية محدودة فكريا، ووجودها وعدمه سيّان.
– حقوق النشر: الدكتور ميشال الخوري © ٢٠٢١