مقدمة في تاريخ التجمعات العمالية
الشركاء (Corporation)
أطلق هذا الاسم على مجموعات تجارية، عمالية، حرفية وصناعية عملت في القديم. كان يطلق هذا الاسم على كل مؤسسة مكونة من مجموعة مدن أوعمال وحرفيين يعملون لغايات ربحية محضة ولحماية مكتسباتهم. أهم أهداف هذه المؤسسة كان تسويق البضائع التي تنتجها المجموعات التابعة لها أو الخدمات الحرفية التي تقدمها وتأمين الحماية لعملهم ومنتوجاتهم. والهدف الأهم لهذه الشراكات هو تأمين سرية حرفهم وصناعاتهم، لتأمين الإحتكار المتأتي من العلم الذي تمتعوا به.
إن المكاسب والامتيازات الخاصة التي أمّنتها هذه التجمعات لأصحابها جعلتهم يحافظون عليها بأنانية، وأصبح تناقل الخبرات والحرف والصنع وراثيا محصورا بعائلات وببعض المدن، مما شكل عائقا لتقدم المجتمع وبالتالي إستبداد أصحاب بعض العلوم من هذه الحالة الشاذة.
حلّت الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر هذه الجمعيات، لتحل مكانها الجمعيات الحرفية التي أسّست المدارس الحرفية والمهنية، وأمّنت إنتشار المعرفة وعدم إحتكارها وتمكين كل مقتدر، وفي مجاله، على التعلّم والتقدم الإجتماعي والشخصي والإنساني. لقد كان الإخوة الماسون على رأس هذه الحركة الإنسانية والثقافية والعلمية، التى عممت العلوم وجعلتها في متناول جميع الراغبين، منتزعة هكذا الإحتكار الذي ساد مدعوما من السلطات الملكية والكنسية الحاكمة وقت ذاك لعدة قرون.
الرفقاء (Compagnons)
قبل أن تنتشر العلوم وتصبح في متناول الجميع بعد الحركة التصحيحية، تفرّد العديد من العمال ممن إستشرف له أن العمل وحده كما هو سائد عندهم في القديم، والكسب المادي المحض كهدف للعمل والجد لا يكفي، وأن العمل يجب أن يرفق بمزايا أخلاقية ومهنية تتعدى المنتوج وحده والكسب المادي ليتعداها الى التبادل والتعاون الإنساني الصحيح. مضيفين الى عملهم هذا عاملاً روحياً ومعنوياً وأخلاقياً وإنسانياً بكل ما للكلمة من معنى. تجمع هؤلاء الحرفيين في تعاونيات ورفقيات يتأزرون فيما بينهم ويتعاونون ويتعاضدون تاركين وراء ظهورهم روح الإحتكار والإستئثار، اطلق عليهم وكما تسموا، اسم الرفقاء(Compagnons).
كان قد سبق هذه التنظيمات المهنية تنظيمات علمية في القرن الرابع عشر والتي عرفت بالجامعات، ولاحقاً جمعت حلقات المفكرين والكتاب وأهل الطباعة والكتاب الخ. كما تجمعت في القرن السابع عشر مهن الطب في مستشفيات عامة.
هذه الحركات الإنسانية من جامعات ومستشفيات وجمعيات رفقاء حررت العلوم والمهن وأعطت للإنسان قيمة ومكانة وفاعلية إجتماعية أكبر.
على الباحث الا يخلط ما بين هذه التجمعات المهنية الإنسانية وما بين الأخويات التى جمعت وتجمع علمانيين متطوعين في سبيل عمل أو هدف خدماتي والتي تعمل تحت راية شفيع ديني أو مدني.
– حقوق النشر: الدكتور ميشال الخوري © ٢٠٢١