لوحات هندسية.
العمل الماسوني كما رأينا وفي أيامانا يقتصر على العمل الفلسفي الفكري بشكله المُطلق الغير مقيّد. ممّا يعني أنّه وبالإضافة الى شموله جميع الميادين لا ينحصر بالعمل السلبي المتقوقع داخل المحافل، بل يتجاوزه الى العمل الإيجابي الذي يسعى لمشاركة أعماله مع من حوله في المجتمع، لإشراكهم بنتاج أبحاثه ودراساته ومردوداتها الإيجابية. وكما يعرض الماسون على مجتمعهم نِتاج أعمالهم، لا يتوانون بأخذ كلّ ما هو حسن من المجتمعات كافة.
أولى ركائز العمل الماسوني هي الرمزية من خلال فلسفة البنائين.
الرمزية أداة يستعملها الماسون كما كثير من المكرّسين من قبلهم، لتناقل المعرفة مجرّدة من كلّ تأثير شخصي أو تاريخي أو جغرافي. هذه تضع الفكر في طبقة كونية عالمية صالحة لجميع الأماكن والأزمنة. لكلّ لغة تستعمل حدود تعبيرية كما تأثيرها بإنتقاء المعاني من الكاتب. أمّا الرمزية فهي لا تتأثّر بلغة ولا بكاتبها مكانياً ولا زمانياً، لأنّها تنتقل بشكل أفقي فوق جميع الفروقات الإنسانية. شُبِّهت بنسر فوق غابة أو رمح ينتقل من مكان الى آخر فوق رؤوس الأشباه.
إستعمل بيتاغورس المربّع المستطيل كما بعده الهرمسيين والخيميائيين في القرون الوسطى ومنها الى جمعيات البنّائين. الشكل الذي رُسِم فيه أوّلاً هو هو اليوم وبالأمس. أمّا التفاعل معه فيتأقلم مع كلّ باحث أيّاً كان مستواه الفكري وإمكانيات إستيعابه الفلسفية. الرمزية شاملة لكلّ ما هو رمز عملي أو فنّي أو كتابي أو طبيعي الخ… إلّا أنّه يطلب من المبتدئ بأوّل مسيرته التركيز على الرموز العملية التي كان يستعملها البنّاؤون. من هنا نرى أنّ اللّوحات الأساسية والأولى التي يتفاعل معها المبتدئ والتي تطلب منه هي لوحات رمزية عمّالية.
جمع بعض الأخوة في القديم الرموز الأساسية في لوحة سمّيت لوحة المبتدئ. التي تجمع الرموز الأساسية وبعض الأشكال التي تبيّن الديناميكيات التي يعتمد عليها البنّاؤون. الأدوات أساس للرمزية والديناميكيات لفلسفة البنّائين، التي تُعتبر العمود الفقري الذي تتشكّل من حوله الأفكار والآراء البنّاءة.
أغلب اللّوحات الهندسية للمبتدئين ترتكز على الرمزية المتواجدة في لوحة المبتدئ.
يسمّي الماسون “لوحة هندسية” العمل المقدّم من أخّ في آخر فترة تمرُّسه في درجة والتي تؤهّله للترفُّع الى درجة أخرى، أو الدرس الماسوني الذي يقدّمه أحد الأساتذة في الجلسة المحفلية.
عندما يُكمل الماسوني مساره من خلال الدرجات الثلاثة، ويتفكّر في اللّوحات الثلاثة المختصرة لأدوات الدرجات الأولى والثانية والثالثة، ينتقل الى العمل على اللّوحات الهندسية الفكرية والفلسفية والإجتماعية والتاريخية الخ… بهذا التدرُّج يتمكّن المبتدئ من الفكر الحرّ والرمزية وألّا يكون عمله فاشلاً ماسونياً.
سنعرض في هذا القسم لوحات رمزية إن كانت للدرجات الثلاثة الأولى أم لدرجات فكرية وفلسفية متقدّمة. هذه اللّوحات لا تشكّل علوم إنّما مقاربات أخوية لموضوع جامع ورموز مجرّدة بديناميكية عمّالية.
عندما ننتقل من الرموز العملانية الى الفلسفة الماسونية ندخل في جذور الفكر الحرّ المرتكزة على الفلسفة الغنوصية، الديناميكية الخيميائية، الفنّ الهرمسي بالإضافة الى الفلسفة النسبيّة.
حدود الفكر الماسوني هي الحدود الكونية للإنسان المتحرّر.
– حقوق النشر: الدكتور ميشال الخوري © ٢٠٢١